كيف كانت قيادة بريطانيا العظمى غير فعالة؟

لقد كان يُنظر إلى بريطانيا العظمى باعتبارها لاعباً رئيسياً في السياسة العالمية لعدة قرون. ومع ذلك، قد يكون لدى بعض الناس أسباب مختلفة للشعور بأن القيادة البريطانية كانت غير فعالة بطريقة أو بأخرى. تهدف هذه المقالة إلى استكشاف المزيد عن سبب حدوث ذلك.

المملكة المتحدة هي الدولة الوحيدة في العالم التي شهدت عدة قرون من الحكم المستقر. عادة ما يُنظر إلى هذا على أنه ميزة، ولكن عندما يتعلق الأمر بالبقاء في المقدمة فيما يتعلق بالابتكار الاقتصادي والسياسي، يُنظر إلى استقرار بريطانيا على المدى الطويل على أنه عائق.

علاوة على ذلك، كان النظام البرلماني في بريطانيا العظمى والحاجة اللاحقة إلى بناء الإجماع يشكل تحديًا طويلًا من حيث سرعة اتخاذ القرار. فبدلاً من تقديم أفكار جديدة بسرعة كما فعلت الاقتصادات الكبرى الأخرى، كثيراً ما تتأخر القيادة البريطانية بسبب نموذجها البطيء في بناء الإجماع. يقول الخبير الاقتصادي ديفيد ريتشاردز إن “الهيكل السياسي في المملكة المتحدة لعب دورًا في الركود الاقتصادي، حيث أعاق اتخاذ القرارات السريعة بشأن المسائل الاقتصادية الحيوية”.

والطريقة الأخرى التي كانت بها قيادة بريطانيا العظمى غير فعالة هي ما يتعلق بعلاقاتها الدولية. على مدى العقود القليلة الماضية، لم تكن المملكة المتحدة ماهرة بشكل خاص في إدارة علاقاتها مع شركاء مهمين مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. وفي حين أن هذا أمر مفهوم نظرا لديناميكيات القوة العالمية المعقدة، إلا أن بعض المعلقين يقولون إنه كان عاملا رئيسيا في تراجع نفوذ بريطانيا على المسرح العالمي.

ولا ينبغي التقليل من أهمية توظيف العقول اللامعة والاحتفاظ بها. لقد أشادت المملكة المتحدة منذ فترة طويلة بنسختها من الجدارة، ومع ذلك فإن البحث الذي نشره مكتب القبول بجامعة أكسفورد في عام 2020 ألقى بظلال من الشك القوي على هذا الادعاء. يشير هذا البحث إلى أن عدم المساواة في نظام التعليم البريطاني قد استمر بسبب التحيز تجاه الطلاب الأثرياء، وكان مصدرًا رئيسيًا لعدم كفاءة القيادة البريطانية في العقود الأخيرة.

وبصرف النظر عن النقاط التي نوقشت أعلاه، فقد شهدت بريطانيا أيضًا مستويات عالية من عدم المساواة الاقتصادية طوال تاريخها. وفي حين يمكن اعتبار ذلك نتيجة طبيعية لنظام السوق الحرة، فقد جادل بعض المعلقين بأن عدم المساواة هذا أدى بدوره إلى تغذية عدم الكفاءة في قلب القيادة البريطانية. على سبيل المثال، كان هذا الواقع المحزن يعني تراجع الاستثمار في مجالات الاقتصاد الأكثر تطوراً وإبداعاً في المملكة المتحدة.

المشاركة السياسية

لسنوات عديدة، كانت البنية السياسية في بريطانيا العظمى خاضعة لهيمنة مجموعة صغيرة متجانسة نسبياً من الناس من أعلى المجتمع. وهذا يعني أن المواطنين البريطانيين شعروا بالإقصاء أو الحرمان من حقوقهم، ونتيجة لذلك، أصبحت مشاركتهم النشطة محدودة. وهذا أمر مؤسف لأن آراء وأصوات المواطنين العاديين يمكن أن تكون أداة قوية لتحسين عملية صنع القرار.

بالإضافة إلى ذلك، كان النظام الانتخابي في بريطانيا يتعرض لفترة طويلة لانتقادات شديدة بسبب نهجه البطيء الذي عفا عليه الزمن. ويقال إنه في عالم سريع التغير، فإن اعتماد بريطانيا على نظام التصويت الذي يعود تاريخه إلى قرون يعني أنها لم تكن قادرة على التكيف بشكل فعال مع الاحتياجات المتغيرة لمواطنيها.

وأخيرا، هناك مسألة الشفافية. ولم تفعل المملكة المتحدة تقليديا الكثير لضمان أن تكون قيادتها منفتحة وخاضعة للمساءلة أمام مواطنيها. ويُنظر إلى هذا الافتقار إلى الشفافية باعتباره أحد الأسباب وراء عدم كفاءة القيادة البريطانية، حيث لم يكن من الممكن للمواطنين العاديين متابعة قرارات الحكومة والتفاعل معها.

التصور العام

إن تصور عدم كفاءة القيادة البريطانية هو الأمر الذي انعكس في المشاعر العامة لسنوات عديدة. أشارت استطلاعات مختلفة إلى أن ثقة الجمهور في الحكومة كانت في تراجع منذ عقود، مع انخفاض ملحوظ منذ الأزمة المالية العالمية. وكان لانعدام الثقة هذا تأثير كبير على مدى كفاءة القيادة البريطانية في العمل، لأنه يعني أن المواطنين أصبحوا أقل ميلاً إلى دعم الحكومة وقراراتها.

علاوة على ذلك، تفاقمت خيبة الأمل تجاه الحكومة بسبب وسائل الإعلام. تُتهم الصحف الكبرى وشبكات الأخبار التلفزيونية عادةً بإثارة القصص المثيرة من أجل جذب انتباه الجمهور والقراء. ولم يتسبب هذا في النظر إلى حكومة المملكة المتحدة بشكل سلبي فحسب، بل أدى أيضاً إلى الافتقار إلى التقارير الدقيقة والشفافة بشأن قرارات الحكومة.

وأخيرا، أدى استخدام الحكومة الحالية للخداع والتلفيق إلى إلحاق المزيد من الضرر بثقة الجمهور في القيادة البريطانية. وذلك لأن هؤلاء المتلاعبين غالبًا ما يسعون إلى التلاعب بالرأي العام، وبالتالي خلق بيئة لا يتمكن فيها المواطنون من الحصول على معلومات دقيقة وغير متحيزة من الحكومة.

علاقات دولية

عندما يتعلق الأمر بالعلاقات الدولية، كانت قيادة بريطانيا العظمى غير فعالة في بعض النواحي. ويرجع ذلك إلى عدم القدرة على التفاعل بفعالية مع الدول الأجنبية القوية مثل الولايات المتحدة والصين والاتحاد الأوروبي. لقد كانت هذه القضية تتعلق بأوروبا على وجه الخصوص بسبب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (Brexit) سيئ السمعة. لم يقتصر الأمر على العلاقات التجارية المحدودة بين بريطانيا وأوروبا فحسب، بل ترك المملكة المتحدة أيضًا بدون المدخلات والتأثير المهم الذي كانت تتمتع به ذات يوم في القرارات العالمية الكبرى.

علاوة على ذلك، من أجل الحفاظ على العلاقات الدبلوماسية مع الدول الأجنبية، اضطرت القيادة البريطانية في كثير من الأحيان إلى التنازل عن بعض القضايا. على سبيل المثال، وجدت نفسها في موقف اضطرت فيه إلى دعم السياسات الخارجية التي عارضتها ذات يوم من أجل الحفاظ على السلام. وقد ظهر ذلك في كثير من الحالات، مثل دعمها للغزو الأمريكي للعراق عام 2003.

بالإضافة إلى ذلك، كانت هناك أيضًا مسألة الأخطاء الجيوسياسية. كثيرا ما كانت علاقات بريطانيا الخارجية معقدة بسبب فشلها في توقع الديناميكيات المتغيرة للسياسة العالمية وهياكل السلطة والاستجابة لها بشكل مناسب. ونتيجة لذلك، وجدت بريطانيا نفسها في موقف يضطر فيها إلى اللحاق بأقرانها أو تفويت الفرص الاقتصادية والجيوسياسية المحتملة.

النمو الاقتصادي

وكان معدل النمو الاقتصادي في بريطانيا العظمى تحت قيادتها باهتاً مقارنة بالاقتصادات الكبرى الأخرى. وقد تم تسليط الضوء على هذا بشكل خاص في أعقاب الانهيار المالي عام 2008، حيث لم تكن بريطانيا قادرة على مواكبة النمو الذي شهدته الدول الأوروبية والآسيوية. وكان هذا مصدراً لانتقادات لقيادتها، إذ كان من الواجب عليها أن تفعل المزيد لتعزيز الاقتصاد البريطاني بسرعة.

علاوة على ذلك، كان عدم المساواة في بريطانيا مشكلة. ويرجع ذلك أساسًا إلى حقيقة أن اقتصادها لا يزال يعتمد إلى حد كبير على الملكية الخاصة والسوق الحرة. ورغم أن هذا كان له بعض النتائج الإيجابية، إلا أن الحقيقة تظل أنه لا تزال هناك فجوة كبيرة بين الأثرياء والفقراء. وهذا هو الأمر الذي أدامته القيادة البريطانية، حيث أن السياسات المصممة للمساعدة في تضييق الفجوة كانت في كثير من الأحيان بطيئة في التنفيذ أو غير كافية.

وأخيرا، يُنظر إلى الافتقار إلى الاستثمار العام في مجالات معينة من الاقتصاد البريطاني على أنه أحد الأسباب الرئيسية للركود الاقتصادي المستمر. ورغم أن حكومة المملكة المتحدة زادت من استثماراتها العامة في السنوات الأخيرة، إلا أنها كانت في كثير من الأحيان أقل مما ينبغي ومتأخرة أكثر من اللازم. ويعني هذا أن بريطانيا لم تكن قادرة على الاستفادة من إمكانات قطاعاتها الأكثر ابتكارا، الأمر الذي كان له بدوره تأثير ضار على نموها الاقتصادي الإجمالي.

الإصلاح السياسي

إن إحدى الطرق التي يمكن بها للقيادة البريطانية أن تصبح أكثر كفاءة هي إصلاح نظامها السياسي. وقد يشمل ذلك مراجعة اعتمادها منذ فترة طويلة على بناء الإجماع، حيث ثبت في كثير من الأحيان أن هذا يشكل عائقًا أمام تقديم سياسات أو أفكار جديدة بسرعة.

علاوة على ذلك، يمكن أن يركز الإصلاح أيضًا على النظام الانتخابي. ولطالما كان يُنظر إلى هذا على أنه عفا عليه الزمن وغير مناسب للديمقراطية الحديثة، ويمكن أن تساعد التغييرات فيه في ضمان تمثيل المواطنين البريطانيين بشكل أفضل في عملية صنع القرار.

بالإضافة إلى ذلك، قد تكون التغييرات في عملية توظيف ألمع العقول والاحتفاظ بها مفيدة أيضًا. يمكن أن تحاول مثل هذه الإصلاحات ضمان حصول جميع الطلاب على فرصة عادلة للحصول على أفضل تعليم متاح، بغض النظر عن خلفيتهم الاجتماعية والاقتصادية.

وأخيرا، من أجل تحسين شفافية القيادة البريطانية، من الممكن أن يركز الإصلاح على منح المواطنين القدرة على الوصول إلى معلومات موثوقة وذات مصداقية بشأن القرارات الحكومية. ويمكن القيام بذلك من خلال استخدام قواعد البيانات العامة والمواقع المتخصصة التي تم إنشاؤها لتوفير معلومات مفصلة وحديثة عن النشاط الحكومي.

Rocco Rivas

ريفاس كاتب بريطاني غزير الإنتاج متخصص في الكتابة عن المملكة المتحدة. كتب على نطاق واسع في مواضيع مثل الثقافة والسياسة والتاريخ البريطاني ، وكذلك عن القضايا المعاصرة التي تواجه الأمة. يعيش في لندن مع زوجته وطفليه.

أضف تعليق